بقلم: الصادق يحيى عبدالله عزه
الحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات، والحمد لله حمداً كثيراً على مبادرة شبابنا الطامحين لتأسيس اتحاد المترجمين السودانيين.
كل الشكر والتقدير لهم على هذه المبادرة النوعية التي تستحق الإشادة، الاحترام، والدعم الكامل. فهي خطوة رائدة نحو تنظيم مهنة لطالما عانت من التهميش والتشتت.
مهنة الترجمة بين التهميش والتقنين
لقد ظلت الترجمة لفترة طويلة مهنة لمن لا مهنة له، لكن آن الأوان لتقنين هذا المجال، والسعي الجاد لتجويد الأداء فيه.
إن قيام الاتحاد يمثل بداية نهاية الانتقائية التي تمارسها وزارة الخارجية في اعتماد مكاتب الترجمة، رغم أن معظمها حاصل على تصديقات رسمية من الدولة.
للأسف، ساهمت سياسة احتكار خدمات الترجمة في تدني مستوى الخدمات المقدّمة للجمهور. فقد أدى ذلك إلى استسهال بعض الممارسين للمهنة، وعدم سعيهم إلى التأهيل الأكاديمي أو المهني، مما انعكس سلبًا على جودة الإنتاج الترجمي.
أمل جديد.. نهج مختلف
يحدونا الأمل أن يسهم الاتحاد المرتقب في تحرير المهنة من هذه القيود، والعمل على ترقيتها من مجرد ممارسة حرة إلى مهنة منظمة لها مرجعية واضحة.
ويأتي ذلك من خلال شراكات ذكية مع مؤسسات التعليم العالي، لدمج دراسات الترجمة ضمن مرحلة البكالوريوس، أسوة ببقية التخصصات الأكاديمية.
جذور رسمية.. وقيود مزمنة
يُعد عام 1975 محطة مهمة في مسيرة الترجمة بالسودان، حيث أنشأت جامعة الخرطوم وحدة الترجمة والتعريب، والتي ارتبطت بأسماء رائدة مثل: البروفيسور عبدالله الطيب المجذوب, البروفيسور علي الملك, الدكتور محمد عبدالحي, الدكتور خالد المبارك, والدكتور جعفر ميرغني.
لكن رغم هذه الأسماء اللامعة، ظل قصارى جهد الوحدة خلال أكثر من أربعة عقود يقتصر على برامجي الدبلوم العالي والماجستير في مساقين فقط: الإنجليزي والفرنسي، رغم أن كلية الآداب تقدم سبع برامج في اللغات.
هذا القصور في عدم التوسع ليشمل بقية المساقات اللغوية أو برامج البكالوريوس يعتبر عائقًا حقيقيًا أمام تطور مهنة الترجمة أكاديميًا.
مساهمات لاحقة.. لكنها غير كافية
شهدت السنوات الأخيرة مساهمات من مؤسسات أخرى، مثل: معهد الترجمة الإسلامي, جامعة السودان للعلوم والتكنولوجيا, جامعة أم درمان الإسلامية, جامعة بحري, وجامعة جوبا.
طموحات الاتحاد ومسؤولياته
لكن تظل الترجمة نشاطًا هامشيًا داخل برامج اللغات، بدلاً من أن تكون فرعًا مستقلاً يعكس أهميتها الحقيقية.
لا شك أن قيام اتحاد المترجمين سيكون إضافة نوعية للمجهودات الرسمية المبذولة في هذا المجال.
فهو معنيّ بتنظيم المهنة، ورفع كفاءة العاملين من خلال: تقديم دورات تدريبية واحترافية, تنظيم حلقات نقاش ومؤتمرات,
ودعم النشر العلمي في مجال الترجمة.
الاتحاد لن يعمل بمعزل، بل سيحتاج إلى تعاون وثيق مع المؤسسات الوطنية والإقليمية والدولية ذات الصلة.